آلة الحرب ـ ليون تولستوي

    La Machine De Guerre  - Léon Tolstoï

 

تمرين : تقدم هذه الزاوية كل أسبوع نصا من النصوص السياسية المقتطفة من روايات جزائرية وعربية وعالمية، تعالج بعض مواضيع الحرية وحقوق الإنسان بدءا بالرق ثم الاستعمار والاستبداد والفتن والحروب، ومواضيع أخرى حساسة تتعلق بالتمييز في المعاملة، واعتماد الحكم المسبق في العلاقات بين الأعراق والأديان. وقد وردت هذه النصوص في الكتاب الرابع من سلسلة: "تقنيات الدراسة في الرواية" والمتضمن "مواضيع الحرية وحقوق الإنسان". يُطلب من التلميذ قراءة هذه النصوص بإمعان ثم الإجابة عن أسئلتها:

 الحـــــــــروب:

قال الشاعر زهير ابن أبي سلمى:

وما الحربُ إلا ما علمتمْ وذقتمو     وما هو عنها بالحديث المرجَّم ِ

متى تبعثوها تبعثوها ذميـمة      وتضر إذا ضرّيتموها فتضرم ِ

فتعرككم عرك الرحى بثفالِها      وتلقـحْ كِشـافا ثم تنتج  فتتئم ِ

شرح المعلقات السبع للزوزني ص 108

 

10- تحرك آلة الحرب (تولستوي):

يتحدث الكاتب في هذا النص عن المعركة التي سميت معركة الأباطرة الثلاثة نسبة إلى المشاركين فيها وهم: نابوليون الفرنسي والإسكندر الروسي وفرانسوا النمساوي والتي انتصر فيها نابوليون على النمساويين والروس سنة 1805، وشبه آلة الحرب بالساعة المستعملة في ذلك العهد، والتي تخرج فيها الدمى كل ساعة للإعلان عن الوقت:

"إن الحركة المركزة التي انطلقت في الصباح من مقر الأباطرة، وولدت تلك الاندفاعة العامة، تشبه الحركة الأولى التي ينطلق فيها الدولاب المحرك لمجموع دواليب ساعة ضخمة من ساعات الحائط، فيتحرك أحد الدواليب ببطء، ثم يتحرك دولاب آخر فدولاب ثالث، وبسرعة ما تنفك تزداد، تتحرك المسننات والبكرات والدواليب الصغيرة المتشابكة، ثم يرن الجرس حين يجب أن يرن، وتظهر الدمى في الوقت الذي يجب أن تظهر فيه متعاقبة متتالية، وتتقدم عقارب الساعة تقدما منتظما مشيرة إلى ثمرة الحركة.

إن الآلة الحربية كجهاز ساعة ضخمة من ساعات الحائط، متى ثبتت فيها الحركة مضت إلى النهاية مضيا لا سبيل إلى مقاومته، وبقي كل جزء من أجزاء الجهاز الذي لم يحن حينه بعد، بقي ساكنا إلى أن تبلغه الحركة فيتحرك. إن الدواليب تصر فوق محاورها وتتشابك أسنانها، وإن الدوران يجعل المسننات تئن، ولكن الدولاب المجاور يبقى ساكنا جامدا حتى لكأنه مستعد لأن يبقى على هذا السكون والجمود مئات السنين. ولكن يحين الحين، فإذا بجزء من أجزاء الجهاز يمسك به، وإذا هو ينخرط في مجموع الحركة فيأخذ يدور صارّا، وإذا هو يندمج في فعل واحد لا يفهم نهايته ولا يفهم الهدف منه.

وكما أن الحركة المعقدة في الدواليب التي لا نهاية لعددها في الساعة الضخمة ليس لها من نتيجة إلا تحرك عقارب الساعة تحركا بطيئا منتظما يشير إلى الوقت، فكذلك لم يكن لتلك الحركات الإنسانية المعقدة التي تحركها أولئك المائة والستون ألف رجل من الروس والفرنسيين، ولم يكن لتلك الرغبات التي عصفت بهم، والرغبات التي شبت في نفوسهم، وأنواع الحسرة التي ملأت جوانحهم، وألوان الإذلال التي ذاقوها، وفنون العذاب التي عانوها، واندفاعات الكبرياء التي شبت في قلوبهم، ومشاعر الخوف والحماسة التي اعترتهم، لم يكن لهذا كله إلا نتيجة واحدة هي خسران معركة أوسترليتس التي تسمى معركة الأباطرة الثلاثة، أي تحرك عقرب التاريخ العام تحركا بطيئا على وجه ساعة تاريخ الإنسانية."

الحرب والسلم (1) ص 723

الأسئلة:  

1- من الذي قرر الحرب؟ ومن الذي ينفذها؟ ولماذا شبه الكاتب الحركة التي انطلقت من القيادة بالساعة؟ وهل من السهل إيقاف الحركة بعد انطلاقها؟ علل إجابتك.

2- تحدث الكاتب عن الدمى في الساعة التي "تظهر في الوقت الذي ينبغي أن تظهر فيه متعاقبة متتالية"، فماذا يقابل هذه الدمى على أرض الواقع؟

3- شبه تولستوي آلة الحرب بحركة دواليب عقارب الساعة، وشبه زهير بن أبي سلمى الحرب بحجر الرحى التي تطحن كل ما يوضع فيها، وشبه آخرون الحرب بالنار التي تحرق الأخضر واليابس. قارن بين هذه التشبيهات وبين أيها أقرب إلى وصف شراسة الحرب في نظرك.

4- هل آلة الحرب التي تحدث عنها تولستوي في أوائل القرن التاسع عشر تسير بنفس وتيرة آلة الحربين العالميتين الأولى والثانية؟  وإذا كان هناك اختلاف ما هو؟ وضح وعلل.

5- ما أسباب الحروب في العادة؟ وهل تختلف أسباب حرب الأباطرة عن الحروب الاستعمارية وعن الحربين العالميتين؟ حاول أن ترجع إلى التاريخ في الإجابة عن السؤال.

6- وضح ما يقصده الكاتب بالعبارات الآتية التي تصف مشاعر الجنود وانفعالاتهم المتناقضة أثناء الحرب ثم بين أنواع هذه الانفعالات: "ولم يكن لجميع تلك الأهواء التي عصفت بهم، والرغبات التي شبت في نفوسهم، وأنواع الحسرة التي ملأت جوانحهم، وألوان الإذلال التي ذاقوها، وفنون العذاب التي عانوها، واندفاعات الكبرياء التي شبت في قلوبهم، ومشاعر الخوف والحماسة التي اعترتهم."

من كتاب "مواضيع الحرية وحقوق الإنسان"                      

الفصل الثالث: مقتطفات من مواضيع الحريّة